نون المقاومة، مشروع يعنى بتسليط الضوء على دور المرأة العسكري ضد العدو الإسرائيلي خلال إحتلاله الجنوب اللبناني في عام 1982.

وثائقي نون المقاومة

الإجتياح

الاستعمار هو نظام يقوم على احتلال دولة أو منطقة من قبل دولة أخرى لفترة طويلة، حيث يتم فرض السيطرة السياسية والاقتصادية والثقافية على الشعب والموارد في تلك الدولة أو المنطقة. يكون الهدف الرئيسي للدولة الاستعمارية هو استخدام الموارد والقوى العاملة لتعزيز مصالحها الخاصة. تشمل أشكال الاستعمار تأسيس المستوطنات الخاصة بالدولة الاستعمارية، والسطوة على الموارد الطبيعية، وفرض هيمنة اقتصادية وثقافية.

هذا النظام الظالم هو ما قامت عليه "إسرائيل" منذ احتلالها لفلسطين، وهو ما حاولت تطبيقه أيضاً في لبنان، الذي عانى من وجود العدو الإسرائيلي على حدوده مع فلسطين منذ احتلالها حتى يومنا هذا.

من هذه المحاولات هي إجتياحه للبنان في حزيران عام 1982، عندما دخل إلى لبنان بحجة محاولة اغتيال سفيره في بريطانيا، إلا أن هدفه الحقيقي هو إستعمار لبنان وتحويل أراضيه إلى مستوطنات والاستفادة من المصادر الزراعية والمائية فيه.

شن الطيران الإسرائيلي غارات عنيفة على بيروت والجنوب، وبدأ الغزو البري للأراضي اللبنانية بعد يومين من الغارات الجوية.

مع بدايات الاحتلال، بدأت عمليات المقاومة في الجنوب وبيروت وغيرهم من المناطق، وشارك في مواجهة الاحتلال العديد من الأحزاب والتنظيمات، على رأسهم المقاومة الإسلامية التي شكلت العامود الفقري لمقاومة العدو الصهيوني.

معظم مدن وقرى الجنوب عانت طوال فترة الإحتلال من المداهمات والإعتقالات وقتل الأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال

أرشيف من الإجتياح الإسرائيلي للبنان

أرشيف من الإجتياح الإسرائيلي للبنان

أرشيف من الإجتياح الإسرائيلي للبنان

أرشيف من الإجتياح الإسرائيلي للبنان

أرشيف من الإجتياح الإسرائيلي للبنان

أرشيف من الإجتياح الإسرائيلي للبنان

فاطمة نحال: المجاهدة وراء الكواليس

مقابلة الحاجة فاطمة نحال في الوثائقي

تروي لنا الحاجة فاطمة نحال، بطولاتها بوجه من حاول سرقت ارضها.
هي المرأة، أو الحاجة -كما تحب أن نناديها-، التي تقدم لنا نموذجًا مشرفًا عن المرأة الحاضرة في كل الميادين، والتي رأينا وسمعنا كيف نجحت بأدوارها كأم، وزوجة، وأخت وإبنة، وجدة، والأهم، كمقاومة.

من أرشيف صور الحاجة فاطمة

من أرشيف صور الحاجة فاطمة

يقع منزل الحاجة فاطمة في وسط قريتها جبشيت، وتحديدًا أمام المسجد الذي بناه الشيخ راغب حرب، أحد أعمدة القرية وقائد للمقاومة الاسلامية.

ولقرية جبشيت أيضًا تاريخًا حافلًا بالأحداث، حيث شهدت شوارع هذه البلدة، بطولات المقاومين الذين طهروها من دنس العدو الاسرائيلي الذي حاول السيطرة على القرية ولكنه "انزعب" حاملًا عتاده وجثث جنوده النجسة.

تصوير: زهراء نسر - صورة من منزل الحاجة فاطمة

تصوير: زهراء نسر - صورة من منزل الحاجة فاطمة

عند مدخل البيت، درج كبير يوصلنا إلى شرفة واسعة ومطلة على القرية بأكملها، ولكل زاوية من زوايا هذه الشرفة، قصص عن شجاعة وبسالة الحاجة فاطمة.
فمن هذه الشرفة، راقبت الحاجة العدو، وهرّبت الشباب المقاومون، وهدّدت الجنود، أي أن هذه الشرفة، واحدة من الشواهد على هزيمة العدو الإسرائيلي، وعلى صمود وقوة نساء الجنوب اللبناني.

على أطراف هذه الشرفة، مجموعة من المزروعات المتنوعة التي تهتم بها الحاجة فاطمة، وهذه المزروعات رمز من رموز الجنوب اللبناني، وواحدة من إهتمامات النساء، حيث أنهم يهتمون بالزراعة والأكل الصحي مثل إهتمامهم بالأمور الأخرى.

نسمع صوت مبحوح من أمام مدخل المنزل ينادينا بلهجة جنوبية "تفضلوا تفضلوا"، وتستقبلنا بغمرات أم تلتقي بأولادها.

تصوير: زهراء نسر - صورة من منزل الحاجة فاطمة

تصوير: زهراء نسر - صورة من منزل الحاجة فاطمة

دخلنا إلى غرفة "الصالون"، والتي تعيد لك فجأة الشعور بالحنين إلى أيام الطفولة، والبيوت القديمة التي غيّبها العمران الجديد.

الأرائك البيضاء، والنوافذ ذات الحواف الحديدية والزجاج المورّد، والطاولات المغطاة بالشراشف البيضاء المُحاكة بالأيدي والحيطان المشقوقة، ورسمة كبيرة معلقة للشهيد أبو حسين الأسمر وفوقها آية قرآنية، كلها تفاصيل تروي لنا أسرار نصر المقاومة، وأسرار تحرير الجنوب من العدو الغاشم، بواسطة الشهداء والمقاومين، والقرآن، ونساء الجنوب المقاومات، وتروي لنا قصص الشباب الذين مروا يومًا على هذه الغرفة، وانطلقوا من أجل تحرير أرضهم، حتى نالوا أعلى الدرجات.

ففي هذه الغرفة تحضر المجاهدون لعملياتهم، وناموا فيها بينما سهرت الحاجة فاطمة على الشرفة لتراقب تحركات العدو خشية أن يداهموا البيت.

وشهدت أيضاً على مداهمات العدو للبحث عن "المخربين"، وعلى الجرحى الذين استقبلتهم الحاجة في بيتها. ففي مرة كان شاب جريح بحاجة إلى دم بسبب النزيف، تولت فاطمة المهمة وأخدت معها شباب من القرية، وذهبت بهم إلى المستشفى، في حين كان العملاء يرصدون تحركاتها، ولكنها كانت على معرفة بكل واحد فيهم. فعندما وصلت إلى المستشفى، سألتها إمرأة من القرية تعمل هناك عن سبب مجيئها، فقالت لها الحاجة: "بين خالتي إمي مولدة جديد وبدها دم"، لأنها تعلم بأنها عميلة. وبعد الإنتهاء من سحب الدم، تركت لهم هويتها فقط كي يسمحوا لها بأن تأخد العلبة المجمدة لحفظ الدم.

للحاجة أم محمد خمس بنات وولد واحد، كلهم ساهموا معها في عملها العسكري بوجه العدو الأسرائيلي.

من أرشيف صور الحاجة مع بناتها

من أرشيف صور الحاجة مع بناتها

إبنتها هناء تعرضت لإصابة خطيرة سببها العدو خلال إحتجاجهن في أربعين الشيخ راغب حرب، حينما حاول العدو الإسرائيلي مهاجمة حسينية القرية. أطلق النارعلى هناء بهدف إصابتها في رأسها، إلا أن الرصاصة أصابت رقبتها وأدت إلى شلل مؤقت دام عدة سنوات.

تقول لنا هناء:"إن كل ما تعرضت له من إصابة، واستشهاد زوجي الحاج أبوحسين الأسمر، وتربية أولادي لوحدي، فداءاً للجنوب ودفاعاً عن أرضنا وحقنا."

وتكمل،"نحن لا نخاف من هذا العدو الغاشم، من لديه عقيدة ومبدأ لا يخاف من الظالم، بل يحاول بكل ما لديه أن ينصر الحق حتى ولو كلفه ذلك حياته."

وتشاركنا ابنتها مهانة قصة لها مع العدو، حيث طُلب منها حين كانت بالثانية عشر من عمرها في ذلك الوقت، بأن تنقل أسلحة من بيت إلى بيت أخر في القرية، والتي يفصلهم حاجز للعدو الإسرائيلي.

إرتدت مهانة الجعبة التي تتضمن الأسلحة والرصاص تحت عباءة سوداء، والكل يحذرها من أن يعرف العدو ويقوم باعتقالها. إلا أنها لم تبالي، "شجاعة مثل أمي"، تقول لنا.

ومضت نحو الحاجز وعبرت بكل قوة وثقة، حيث قال لها العسكري الغاشم:" يا لكِ من فتاة بدينة." ابتسمت مهانة، وأوصلت الأمانة إلى اصحابها.

خلال المقابلة، دخل الحاج أبو محمد صبحي، زوج الحاجة فاطمة، ورحب بنا بنفس الحرارة التي استقبلتنا بها الحاجة. إلا أن الحاج كان على عجلة هذه المرة، فقد أغلق الدكان باكراً وأتى لكي يستمع إلى كلمة السيد حسن نصرالله في يوم الشهيد.

من أرشيف صور الحاج أبو محمد صبحي، زوج الحاجة فاطمة

من أرشيف صور الحاج أبو محمد صبحي، زوج الحاجة فاطمة

يقول لنا الحاج بأنه كان يسخر في البداية من الأدوار التي تقوم بها زوجته، فهو لم يتوقع بأنها قد تُحدث فارقاً في وجود العدو في أرضنا، ولكنهن أثبتن العكس حيث كن بمثابة تهديد للعدو بإفشال خططه وأعماله التي يسعى إلى تحقيقيها، ولكن عمل النساء السري منع ذلك.

واضاف لنا الحاج أبو محمد بأن شجاعة نساء الجنوب ووقوفهن بوجه هذا العدو الغاشم كان من أحد أسباب تحرير الجنوب اللبناني ونصرة المقاومة.

بالرغم من كبر سن الحاجة فاطمة، إلا أنها مستعدة الآن أن تقوم بنفس الدور خلال الحرب الحالية في الجنوب، حتى تتحقق أمنيتها وتستشهد.

Item 1 of 4

زهرة نحال: سرٌ من أسرار الانتصار

مقابلة الحاجة زهرة نحال في الوثائقي

الحاجة زهرة نحال، تحب أن نناديها بأم ربيع. ربيع وحيدها الذي كلما أرادت أن تعبر عن مدة حبها للمقاومة، تقول لنا "ابني فدا المقاومة".

تصوير: زهراء نسر - صورة للحاجة زهرة

تصوير: زهراء نسر - صورة للحاجة زهرة

عندما تُهنا في شوارع قرية جبشيت الكبيرة، أتت أم ربيع بسيارتها السوداء ال "بيكانتو" وأرشدتنا إلى بيتها الجميل. هذه السيارة التي كانت السلاح الذي واجهت به الحاجة العدو الإسرائيلي، حتى بات يشعر بالخطر منها.
لأم ربيع منزلٌ يشبهها، شرفة واسعة تزينها الأشجار ذات الورود البيضاء الصغيرة التي نثرت معظمها على الأرض بفعل الهواء القوي ذاك اليو
وفي الوسط طاولة وكرسيان بلاستيكيّان لل"صبحية" كل يوم.

تصوير: زهراء نسر - صورة من حديقة المنزل

تصوير: زهراء نسر - صورة من حديقة المنزل

قررنا أن تكون المقابلة في الخارج، في المكان الذي ترتاح فيه أم ربيع.
قبل البدء، قالت لي أم ربيع أنها تفتخر بقصصها، وأنها مستعدة أن تروي لي كل ما فعلته، "فقط إسألي ما تريدين".

أول ما بدأت به هو الحديث عن عائلتها، أمها وأبيها واخوتها، وكيف أن النضال والشجاعة التي تمتلكها، أتت من تربية سليمة لها ولاخواتها، حتى أصبحت هي وأختها فاطمة نحال، التي روت لنا قصتها أيضاً، مجاهدات، وقدموا أخاهم الشهيد محمد في سبيل تحرير الوطن.
كانت أم ربيع أول من أخاطت عبايات والإيشاربات السوداء للنساء بعد مجيء الشيخ راغب، حتى أصبحوا من رموز المرأة الجنوبية اللواتي يعرّف عنهن بكل فخر"يلي بيلبسوا عبايات سوادا".
إن دكان القطنيات التي كانت تمتلكه، كان مصدر الرزق الوحيد لأم ربيع، بعد وفاة زوجها وهي في سن صغير، فوقع على عاتقها تربية ربيع لوحدها.

تصوير: حوراء زين - أثناء تصوير المقابلة

تصوير: حوراء زين - أثناء تصوير المقابلة

وأيضًا، كانت الحاجة المرأة الوحيدة في القرية التي تمتلك سيارة، لذلك إعتمد عليها المجاهدون في نقل الشباب بين المناطق، لأن العدو الإسرائيلي كان لا يشك أبدًا في النساء، لأنهم "أضعف" من أن يواجهوا جيشًا بكامله.
هذه السيارة حملت المجاهدين، والنساء اللّاتي كنّ على جهوزية دائمة للمشاركة بأي اعتصام أو تشييع، بقيادة الحاجة أم ربيع نحال.
كانت الحاجة أثناء الحديث، تضحك كلما ذكرت العدو، تقلد كلامهم العربي المكسر، وتستهزىء بهم قائلة "انا بدي خاف منهم؟ ليش هني بخوفوا؟"

ففي مرة كانت الحاجة زهرة في مشوار لها في قرية النبطية، وشك فيها العدو بأنها تنقل المجاهدين، فلحق بها في السيارة حتى تعطلت بسبب اصطدامها بالرصيف، فأسرع هارباً عندما رأى ما حصل.

وأصرت على أن تقول بين كل جملة وأخرى، بأن جميع ما قدمته للمقاومة هو قربة إلى الله تعالى.

من أرشيف صور الحاجة

من أرشيف صور الحاجة

يقول لنا ربيع، إبن الحاجة الوحيد، وهو مجاهد أيضاً، بأنه كان شاهد على دور أمه العسكري التي كانت تؤديه خلال فترة الاجتياح الإسرائيلي للبنان، بالرغم من أنها كانت تعيله لوحدها من خلال محلها الذي فجره العدو الإسرائيلي.

عند الإنتهاء من المقابلة، نادتني الحاجة إلى داخل بيتها المتواضع الصغير، أشارت لي إلى صورة على الحائط لسيد المقاومة، وقالت لي:"شفتي كيف منور الغرفة؟"
ووزعت لنا البونبون بعد أن تأكدت أننا لسنا جائعين.
ولأهمية الدكان والسيارة في قصة حياة الحاجة أم ربيع، وبعد أن فجرهما العدو لأنهما كانوا أدوات للسخرية من سذاجة هذا "الجيش"، فإن أم ربيع قدمت كل ما تملك فداء للمقاومة وللجنوب.
قدمت لنا أم ربيع، نموذج الإبنة والأخت والزوجة والأب والأم والمجاهدة، والتي أدّتهم جميعهم بطريقة مشرّفة وملهمة.
وكانت أهم كلمة لأم ربيع التي تُظهر لنا المرأة الجنوبية الشجاعة هي "ياريت ضلوا الإسرائيلية عنا وتحرر الجنوب كلو سوا"، مشيرة إلى أن قوة رابط الجنوبيون بين بعضهم، أقوى من أن يؤثر به أعتى جيوش الأرض، ليس فقط العدو الإسرائيلي.

خديجة جفال: عين المقاومة بين الأعداء

مقابلة الحاجة خديجة جفال في الوثائقي

في أحياء بلدة عدشيت، يقع منزل الحاجة خديجة المتواضع جداً كصاحبته. تستقبلنا بإبتسامة وحضن، وتدخلنا إلى بيتها المؤلف من غرفة نوم ومعيشة ومطبخ. الضوء في غرف المنزل خافت جداً، وكل تفاصيله الصغيرة مميزة، من الأرائك إلى الصور والأبواب.

تصوير: زهراء نسر - الحاجة خديجة جفال

تصوير: زهراء نسر - الحاجة خديجة جفال

في غرفة المعيشة، صف من الأرائك ذات اللون الأحمر والذهبي، وستائر تغطي النوافذ حيث لا يصل أي ضوء من الخارج. وتزيّن الصالة صورة صفراء كبيرة، مكتوب في أسفلها "الشهيد علي صالح".
لقد خرّج هذا البيت المتواضع والحاجة الزاهدة، شهداء ومجاهدين ضد العدو الإسرائيلي.

الشهيد علي صالح، إبن الحاجة خديجة

الشهيد علي صالح، إبن الحاجة خديجة

فالشهيد علي صالح، كان من أهم الأشخاص الذين ساهموا بهزيمة العدو في حرب تموز عام 2006، عبر تدميره للعشرات من دبابات الميركافا في وادي الحجير في الجنوب التي يفخر الإسرائيليون بامتلاكها، والتي أدت بعد ذلك إلى إنسحابهم وهزيمتهم. فعندما علم الشهيد علي أن العدو قرر الوصول إلى نهر الليطاني، قال: "يجب أن نوقف دباباتهم مهما كان الثمن"، وتمكن فعلاً من إيقاف دباباتهم وتدمير أسطورة الميركافا لدى الإسرائيليين. وكان له أيضاً مشاركة قبل التحرير وأصيب 3 مرات.

عندما استشهد الشهيد علي كان لديه 3 أبناء وزوجة حامل في شهرها الرابع، الذي سمي بلال على إسم والده العسكري.

صورة قديمة لبلال إبن الشهيد علي صالح

صورة قديمة لبلال إبن الشهيد علي صالح

حدثتنا الحاجة عن حفيدها بلال، وكيف أنه يشبه والده الشهيد، وأبدت محبتها له خلال الحديث، وفرحتها بأنه أصبح شاب كبير.

خلال الحديث مع الحاجة قبل المقابلة، أخبرتنا قليلاً عن الأحداث خلال فترة الإجتياح. ولكنها كانت مترددة في الإجابة عن أسئلتنا لأنها تعتبر أن عملها كان كله قربة إلى الله وأنه لا شيء أمام تضحيات المجاهدين.
إلا أنها إقتعنت بضرورة إخبار قصص نساء الجنوب للعالم، وتقديم نموذجاً عن المرأة المقاومة.

ما يميز الحاجة خديجة عن غيرها، هو أنها تعيش القصة مجدداً أثناء حديثها، وقد رأينا هذا جلياً عندما تحدثت عن العملاء والعدو، إذ أنها لا تغضب عندما تذكرهم، بل تستهزء بهم.

برز ذلك عندما أخبرتنا عن قصة مداهمة العدو لمنزلها لمعرفة مكان أحد من المجاهدين، فأشارات الحاجة إلى منزل رجل كبير في أخر القرية على أنه هذا المجاهد، وصدقها العدو وذهب. الضحكة التي سمعنها من خدجة أثناء القصة، كفيلة لكي ترينا بأنهن فعلاً لم يخفن من العدو أبداً.

تقول الحاجة أن العدو لم يحتل قرية عدشيت الجنوبية، ولكن كان يطلب منها معرفة أخبار باقي القرى المجاورة ومساندة الشباب في نقل المعلومات، فكانت تذهب إلى تلك القرى سيراً على الأقدام، وهذا ما روته لنا في قصتها مع جبشيت، في "صوتهنّ".

وروت لنا أيضاً كيف صمدت في منزلها خلال حرب تموز، عندما كانت تجلس في المنزل وتخبز الخبز والقذائف والصواريخ تمر من فوقها. وقد يظن البعض بأنها خافت فعلاً ولكنا لا تحب أن تقول، ولكن من يرى صدقها في الحديث وعفويتها، يعرف بأن قوتها تأتي من الداخل وبانها فعلاً لا تخشى من العدو الإسرائيلي أبداً.

عند انتهاء المقابلة، سألتها اذا ما كانت تحب أن تستشهد، فأجابت بأن من منا لا يحب أن يستشهد، وتصمت، وكأنها خجلت من أن تقول ما يختلج في صدرها. ومن ثم تعرّفت على كل أحد فينا أكثر، وأصرت أن نجلس أكثر وأن نعود مجدداً في زيارة أخرى.

صوتهنّ

المزيد من قصص نساء الجنوب خلال فترة الإجتياح ومشاركتهن العسكرية

التحرير

في 25 أيار عام 2000، عاد الجنوبيون إلى مسقط رأسهم بعد دحرهم للعدو الإسرائيلي من أراضيهم.

بدأت عملية التحرير يوم 21 أيار/ مايو 2000 حيث أعلنت كتيبتان تابعتان لميليشيا جيش لحد العميل لإسرائيل استسلامهما. عندها بدأ أهالي الجنوب باجتياح القرى المحتلة، ودعمتهم المقاومة الإسلامية، ولم تمنعهم الاعتداءات والقصف التي قام بها الجيش الإسرائيلي.

بدأ التحرير من بلدة الغندورية باتجاه القنطرة حيث دخل اللبنانيون عبر مسيرة ضمت حوالي مائتي شخص يتقدمها عضوا كتلة الوفاء للمقاومة النيابية النائبان عبد الله قصير ونزيه منصور، ودخلوا إليها للمرة الأولى منذ سنة 1978.

وفي 22 أيار/ مايو 2000 تم تحرير القرى التالية حولا ومركبا وبليدا وبني حيان وطلوسة وعديسة وبيت ياحون وكونين ورشاف ورب ثلاثين. وفي 23 أيار/ مايو 2000 تحررت بلدات بنت جبيل وعيناتا ويارون والطيري وباقي القرى المجاورة. وفي هذا اليوم اقتحم الأهالي معتقل الخيام وفتحوا أبوابه وحرروا الأسرى مع رحيل الاحتلال وعملائه.

وفي 24 أيار 2000 تقدم الأهالي والمقاومون إلى قرى وبلدات البقاع الغربي وحاصبيا وقراها، أما في ليل 24 أيار 2000 فكان الاندحار لآخر جندي إسرائيلي من الجنوب والبقاع الغربي حيث أعلن 25 أيار 2000 عيداً للمقاومة والتحرير.

من أرشيف صور تحرير جنوب لبنان

من أرشيف صور تحرير جنوب لبنان

من أرشيف صور تحرير جنوب لبنان

من أرشيف صور تحرير جنوب لبنان

من أرشيف صور تحرير جنوب لبنان

من أرشيف صور تحرير جنوب لبنان

ما بعد التحرير

حلقة مع المحلل السياسي الدكتور وسام إسماعيل حول المقاومة بعد تحرير الجنوب من العدو الإسرئيلي في أيار 2000.

".العدو أجبر على الإنسحاب، لم يكن خيار"

مقاومات حول العالم

ليلى خالد - فلسطين

تُعتبر أول امرأة تقوم بخطف طائرة، حيث شاركت في خطف طائرة ركاب أمريكية تحويل مسارها إلى سوريا، بهدف إطلاق سراح المعتقلين في فلسطين، ولفت أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية. وبعد فترة قامت بمحاولة خطف طائرة إسرائلية. لم تنجح خالد بمحاولتها وألقي القبض عليها وأفرج عنها بعد ذلك وتعيش الآن في الأردن مع زوجها وولديهما

فاطمة عزايز - المغرب

المشهورة باسم «فاما»، أمضت عمرها في النضال الوطني في مواجهة الاستعمار الإسباني في شمال المغرب، التحقت بالخلايا السرية في الحركة الوطنية، وانخرطت في صفوف جيش التحرير الوطني. كانت فاما من مؤسسي حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. كما ساهمت في تأسيس القطاع النسائي الاتحادي، وشاركت في التجارب الانتخابية لسنتي 1976 و1977، ثم غيرت مسارها إلى العمل الجمعوي للدفاع عن حقوق النساء في الجمعيات النسائية.

جميلة بوحيرد - الجزائر

عندما اندلعت الثورة الجزائرية، انضمت بوحيرد إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية للنضال ضد الاحتلال الفرنسي وهي في العشرين من عمرها، ثم التحقت بصفوف الفدائيين وكانت أول المتطوعات بزرع القنابل في طريق الإستعمار الفرنسي، ونظراً لبطولاتها ألقي القبض عليها عام 1957 عندما سقطت على الأرض تنزف دماً بعد إصابتها برصاصة في الكتف، وهنا بدأت رحلتها القاسية من التعذيب .

آمنة الصدر - العراق

ولدت الشهيدة الخالدة آمنة بنت آية الله السيد حيدر الصدر في 1937م في مدينة الكاظمية، في بيت عريق في العلم و الجهاد و التقوى.

امتازت الشهيدة بنت الهدى بالوعي الذي جعلها تقدم على خطوة جريئة ورائدة في مجال الكتابة الموجهة والهادفة لتثقيف المرأة المسلمة بما يضمن لها كرامتها ويحصنها من الانحراف والضياع.

كريمة عبود - فلسطين

أول مصورة فلسطينية ولدت في الناصرة في فلسطين. ووالدها هو القس سعيد عبود، وهي تنحدر من عائلة ذات جذورلبنانية تعود إلى بلدة الخيام الجنوبية.

كان لكريمة عبود دور كبير في تلك المهنة التي كانت دخيلة على المجتمع العربي الشرقي، خاصة أن الكثير من العائلات المحافظة لم تكن تقبل بان تظهر على عدسات هذه الاختراع الغريب باستثناء بعض العائلات العريقة التي كانت تتبناها بالتصوير الجماعي وهو ما تثبته الصور القديمة لبعض عائلات القدس ويافا وحيفا وحتى غزة في أيام الانتداب البريطاني.

طاهرة دباغ - إيران

، مرضية حديدجي المعروفة بـ طاهرة دباغ كانت إحدى السجينات السياسيات والناشطات المناضلات عسكريا ضد نظام الشاه قبل انتصار الثورة الإسلامية.

بعد انتصار الثورة تولى مناصب مثل قائد فيلق همدان ورئيس سجون النساء في طهران. وكانت أول قائدة للجيش الغربي بعد الثورة.

من هي المرأة؟

يختلف العالم بتعريف المرأة وتحديد مدى تأثيرها في تغيير مجرى الأحداث وبناء المجتمعات، ولكن يبقى التاريخ وقصص النساء اللواتي مروا أكبر دليل على أهمية المرأة ودورها الحقيقي في كل مجتمع، وهذا ما تخبرنا به الدكتورة في جامعة بيرزيت الفلسطينية رولا أبو ضحو، والتي أيضاً كانت أسيرة لدى العدو الإسرائيلي في السابق، وتعطي دروس عن المرأة في المجتمع.

النساء هم جزء من مجتمع الصمود والمقاومة.
رولا أبو ضحو

رسالة نون المقاومة

في ظل الرسائل الشتّى التي توجّه لنساء العالم، والأفكار والقوالب التي تفرض على النساء أن يعشن بها كي يرضى عنهن المجتمع، والقواعد والشروط المتشددة التي على المرأة تحصيلها في سبيل أن تكون قوية ومستقلة، أتت نون المقاومة لكي تروي البعض من قصص نساء قويات ومستقلات، بعيداً عن الجوانب المادية التي يحاول الكثير حصر أهمية المرأة بها.

إن تحصيل المرأة للشهادات وتواجدها في الحياة الإجتماعية والسياسية والمهنية هو من الضروريات كي تتمكن من ان يكون لها دور فعال وحضور قوي في بناء المجتمع من خلال عملها وحتى من خلال بناء أسرتها. ولكن قوة الإنسان والمرأة تحديداً لا يمكن أن تختصر بهذه الأمور .المادية لأنها قد لا تدوم

يقدّمن نساء الجنوب، وغيرهن من نساء العالم اللواتي لم تُسمع قصصهن بعد، نمودجاً عن المرأة القوية التي لا تخاف من الوقوف بوجه أقوى جيوش العالم، والتي تتمسك بأرضها وحقها مهما كلفها الأمر.

إن قوة هذه النساء تأتي من قلوبهن، ومن التمسك بالمبادىء والقيم، مما يسمح لهن من التواجد في كل الجبهات التي تتطلب أن تكون المرأة فعالة بها، ومن كان قلبه مصدر قوته، فإنه لن يهزم أبداً.